صفحات من تاريخ مصر

**حي المطرية **

احجز مساحتك الاعلانية

بقلم/ طارق بدراوى

 

حي المطرية أحد أحياء محافظة القاهرة عاصمة مصر ويقع في منطقة شرق القاهرة ويحده من ناحية الشمال ترعة التوفيقية وحي المرج ومن ناحية الجنوب شارع الكابلات وحي الزيتون ومن ناحية الشرق سكة حديد مترو الأنفاق حيث يقع بين محطة حلمية الزيتون وبين محطة عزبة النخل ومن ناحية الغرب شارع بورسعيد وترعة الإسماعيلية وتبلغ المساحة المأهولة للحي حوالي 4.14 كيلو متر مربع بينما تبلغ المساحة الكلية له حوالي 13.4 كيلو متر مربع كما يبلغ تعداد سكان الحي طبقا لتعداد عام 2006م حوالي 607 ألف نسمة تقريبا وتبلغ كثافة سكان الحي 90.5 ألف نسمة تقريبا في الكيلو متر المربع الواحد ويرجع أصل تسمية المنطقة بالمطرية إلى الكلمة اللاتينية Mattar والتي تنطق مطر وهي تعني الأم وذلك لمرور السيدة مريم العذراء أثناء رحلة العائلة المقدسة في مصر قادمة من فلسطين فيها ولوجود شجرة السيدة العذراء في المنطقة والتي يطلق عليها حتي الآن إسم شجرة مريم …..
ومن الممكن تقسيم حي المطرية إلي عدد 4 مربعات سكنية أولها المربع السكنى الأول ويضم شياخة العزب وحدوده شارع مسطرد القديم مع شارع الحرية من شارع التروللى حتى شارع بور سعيد وشارع الكابلات من شارع التروللى حتى ميدان المطرية وثانيها المربع السكنى الثاني ويضم شياخة المطرية الغربية وثالثها المربع السكنى الثالث ويضم شياخات المطرية القبلية والمطرية البحرية ومنطقتي شجرة مريم وعين شمس الغربية وأهم شوارعه شارع ترعة الجبل وشارع عزت باشا وشارع السويفي وشارع المشروع وشارع طه حسين وشارع المطراوى وإمتداد شارع الحرية ورابعها المربع السكنى الرابع ويضم شياخات عزبة النخل وعرب الطوايلة وعرب الحصن وحدوده شارع غرب السكة الحديد وترعة التوفيقية وشارع مسطرد القديم وشارع طه حسين وشارع المشروع …..

ويضم حي المطرية عدد من المعالم الشهيرة حيث كانت منطقة المطرية أحد أجزاء مدينة أون القديمة أو هيليوبوليس القديمة والتي تعني باليونانية البرج أو الفنار والتي كانت تعد بمثابة المركز الديني والعلمي لمصر ومن آثار تلك المدينة نجد مسلة الملك سنوسرت الأول المسماة بمسلة المطرية وهي للأسف الأثر الوحيد الباقي من معالم هذه المدينة القديمة ويرجع تاريخ هذه المسلة إلي عصر الدولة الوسطي أي الألفية الثانية قبل الميلاد والملك الذي شيدها هو من ملوك الأسرة الثانية عشرة الذين بذلوا جهدا كبيرا في بناء الدولة بعد فترة إضمحلال سبقت هذه الفترة وهي لا تعد أقدم مسلة في العالم كما هو مشاع حيث أن هناك في نفس المكان تم إكتشاف مسلة تعود لعهد الأسرة السادسة في الدولة القديمة وكذلك من قبل هناك ثلات مسلات تعد مسلات جنائزية علي أبواب المقابر في الجيزة وسقارة وتعود للأسرة الخامسة من الدولة القديمة أيضا وبعضها يخلو من الكتابة والبعض الآخر مذكور عليه أسماء المتوفي وبعض الأدعية له وجدير بالذكر أنه قد إختلفت وظيفة المسلة تماما من الدولة القديمة إلي الدولة الوسطي وما بعدها في عصر الدولة الحديثة لكن المسلة نفسها كفكرة دينية موجودة منذ القدم لكن علي شكل مصغر ومختصر فيما يسمي بمثلث البنبن والذى تم وضعه أعلي الأهرامات ثم منذ الأسرة الخامسة من الدولة القديمة بدأت تظهر اشكال المسلة المعتادة والمعروفة لدينا حاليا بعدما إرتفع مثلث البنبن هذا علي عمود مكتوب عليه بعض الكتابات المعروفة مكونا المسلة بشكلها المعروف لنا حاليا وجدير بالذكر أيضا أن الكتابات علي المسلة تعد أثرا مميزا جدا حيث أنها تعطينا فكرة عن الوظيفة التي كانت تؤديها المسلة في كل عصر من العصور المذكورة …..

ومن أهم معالم حي المطرية أيضا نجد بئر وشجرة مريم وتعتبر شجرة مريم من الآثار القبطية المعروفة في القاهرة وتعرف بإسم شجرة العذراء مريم والتي تعد مزارا هاما لكل من المسلمين والأقباط علي حد السواء ويمكن الوصول إليها من شارع متفرع من شارع المطراوى هو شارع مساكن شجرة مريم حيث توجد الشجرة محاطة بسور كبير وتتوسط حديقة جميلة وتعود قصة هذه الشجرة إلي أن مصر كانت أول من إستضاف العائلة المقدسة والمقصود بها السيدة مريم العذراء ووليدها سيدنا عيسي المسيح عليه السلام ويوسف النجار إبن عم السيدة مريم عند هروبها من ظلم هيرودس ملك اليهود الرومانى الذى كان يحكم فلسطين في ذلك الوقت حيث أراد أن يقتل المسيح الطفل حيث أنه كان قد علم بأن هناك مولود ذكر قد ولد في بتي إسرائيل وسوف يكون ملكا على اليهود في فلسطين فإضطرب وخاف على مملكته فأمر بقتل جميع الأطفال الذين في منطقة بيت لحم بفلسطين والتي ولد فيها المسيح وكذلك جميع حدودها ممن يبلغون من العمر سنتين فأقل فرحلت العائلة المقدسة إلى مصر ولما مات هيرودس عادت إلى فلسطين مرة أخرى ولما كان هيرودس ملك اليهود قد أرسل من يبحث عنهم عند رحيلهم وإستطاع أن يتعرف علي أخبارهم نظرا لما حدث من معجزات كان يأتيها الطفل أثناء رحلته طول الطريق ومن بين ما روى وعرف ان التماثيل والأصنام كانت تتساقط وتتهشم على أثر مرور الطفل عليها فذاع صيتهم وتناقلت الألسن قصصهم فوصل ذلك إلى مسامع الملك هيرودس فقرر إرسال جنوده وزودهم بتوصياته لدى حكام مصر مشددا بالبحث عن هذه العائلة المكونة من السيدة مريم العذراء والمسيح الطفل ويوسف النجار ولما شعرت العائلة بمطاردة رجال هيرودس لهم وقربهم منهم إختبأوا تحت هذه الشجرة فإنحنت عليهم بأغصانها وأخفتهم تماما عن أعين رسل هيرودس حتى مر الركب ونجوا من شرهم وقد ذكر المؤرخ الإسلامي المقريزى الذي عاش حوالى منتصف القرن الخامس عشر الميلادي أن العائلة المقدسة حطت بالقرب من عين شمس ناحية المطرية وهناك إستراحت بجوار عين أو بئر ماء وغسلت السيدة مريم فيها ثياب المسيح وصبت ماء الغسيل بتلك الأراضي فأنبت الله نبات البلسان ولا يعرف بمكان من الأراضى إلا في هذه المنطقة والتي نبتت فيها حديقة غناء وكانت تسقى من ماء تلك البئر والتي أصبحت تعظمها النصارى وتقصدها وتغتسل بمائها وتستشفي به وأطلق عليها بئر مريم وقد ذكر أيضا أنه كان يستخرج من البلسان المذكور عطر البلسم وكان يعتبر من الهدايا الثمينة التي ترسل إلى الملوك وقد ظلت حديقة المطرية لعدة قرون مشهورة كأحد الأماكن المقدسة في الشرق وكانت مزارا مرموقا لكثير من السياح والزوار من جهات العالم المختلفة ولا تزال الكنيسة القبطية المصرية تحتفل بتلك الذكري المباركة أول شهر يونية من كل عام وهو تاريخ دخول المسيح أرض مصر وفي اثناء الحملة الفرنسية على مصر وفد الجنود الفرنسيون إلي المنطقة لزيارة شجرة العذراء وكتب الكثير منهم أسماءهم على فروعها بأسنة سيوفهم ويذكر بعد ذلك أن شجرة العذراء مريم الأصلية التي إستراحت عندها العائلة القدسة قد أدركها الوهن والضعف وسقطت عام 1656م فقام جماعة من الكهنة بأخذ فرع من فروع هذه الشجرة وقاموا بزرعها بالكنيسة المجاورة لمنطقة الشجرة والمسماة بكنيسة شجرة مريم ونمت الشجرة وتفرعت ومنذ فترة قريبة تم أخذ فرع من هذه الشجرة وتم زرعها ملاصقة للشجرة الأصلية العتيقة والتي أصبحت عامرة بالأوراق وثمار الجميز الآن ويذكر أن الناس يذهبون إلى هذه الشجرة ليتبركوا بها وهناك إعتقاد من بعض المسيحين أن هذه الشجرة عندما تزورها النساء ممن هم لا يستطيعون الحمل فإنهم يحملون بعد تلك الزيارة …..

ومن المعالم الحديثة بحي المطرية أيضا ميدان المطرية الذى يعد من أشهر الميادين في مصر ومحطة مترو الأنفاق المسماة بإسم الحي ومسجد ومستشفى النور المحمدي التابعة للجمعية الشرعية ويعتبر مجمع خدمات إسلامي كبير به المسجد ودار لإستضافة الأطفال الأيتام ودار للمغتربين ومستشفى كبرى ومعهد لإعداد الدعاة وكذلك من معالم الحي الحديثة منشآت كلية الهندسة بالمطرية والتابعة لجامعة حلوان كما يوجد بالحي أيضا قصر الأمير يوسف كمال وهو أمير من أسرة محمد علي باشا الكبير مؤسس مصر الحديثة فهو إبن الأمير أحمد كمال إبن الأمير أحمد رفعت شقيق الخديوى إسماعيل وإبن القائد إبراهيم إبن محمد علي باشا وكان الأمير يوسف كمال من أغني أغنياء مصر وقدرت ثروته عام 1934م بحوالي 10 مليون جنيه ويعد قصره تحفة معمارية ذات ذوق رفيع وملحق به حديقة غناء مساحتها 14 فدان وطراز بنائه طراز أوروبي يعود إلي طراز عصر النهضة وتم بناؤه عام 1908م بتلك المنطقة ويتميز بأن الواجهات الخارجية الأربعة له قد صممت بنظام الكتل البارزة والكتل الغائرة مما يجعل العناصر البارزة تلقى بظلال علي الكتل الغائرة بما يخلق تكوينات معمارية غاية في الجمال والروعة وقد تحول القصر بعد ثورة عام 1952م إلي متحف نظرا لما كان يحتويه من تماثيل محنطة للعديد من أنواع الحيوانات والطيور حيث كان الأمير يوسف كمال مولعا بالصيد ومما يذكر أن هذا القصر هو القصر الذى تم بداخله وداخل حدائقه تصوير فيلم رد قلبي وهي القصة التي قام بتأليفها الأديب الكبير الراحل يوسف السباعي والتي أخرجها للسينما المخرج الكبير عز الدين ذو الفقار في فيلم من بطولة الممثلين الكبار شكرى سرحان وصلاح ذو الفقار وحسين رياض وأحمد علام وأحمد مظهر والممثلات الكبار مريم فخر الدين وهند رستم وفردوس محمد وهو من تصميم المهندس المعمارى الشهير آنذاك انطونيو لاشياك مصمم العديد من القصور الملكية مثل قصر سعيد باشا حليم بشارع شامبليون بالقاهرة وقصر الطاهرة بمنطقة حدائق القبة …..

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى